 
						تُعتبر مسألة الجمع والقصر من القضايا الفقهية المهمة التي يحتاجها كل مسلم أثناء سفره، حيث يضطر الكثير من الناس إلى التنقل لمسافات طويلة من أجل العمل، الدراسة، أو حتى السياحة. ومع تكرار السؤال حول مدة الرخصة في القصر والجمع، يبرز استفسار شائع: هل يجوز الجمع والقصر في السفر أكثر من ثلاث أيام؟ هذا المقال سيعرض بالتفصيل آراء العلماء، الأدلة الشرعية، والضوابط المتعلقة بهذه المسألة.
معنى الجمع والقصر في الصلاة
قبل الإجابة عن سؤال هل يجوز الجمع والقصر في السفر أكثر من ثلاث أيام، من المهم توضيح المفهوم:
- 
القصر: هو أن يصلي المسافر الصلوات الرباعية ركعتين فقط (الظهر، العصر، العشاء). 
- 
الجمع: هو أن يجمع بين صلاتين في وقت واحد، مثل الجمع بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء. 
هذه الرخصة شُرعت للتيسير على المسافر، ولتخفيف المشقة التي قد تواجهه أثناء رحلته.
متى يبدأ القصر والجمع في السفر؟
- 
يبدأ القصر والجمع عند مفارقة حدود بلد الإقامة أو المدينة التي يقطنها المسلم. 
- 
لا يُشترط أن يكون السفر طويلاً جداً، بل المهم أن تتجاوز المسافة حداً معيناً (اختلف العلماء في تحديده، والأشهر ما يقارب 80 كم). 
هل يجوز الجمع والقصر في السفر أكثر من ثلاث أيام؟
الرأي الأول: لا يجوز بعد ثلاث أيام
ذهب بعض الفقهاء إلى أن المسافر إذا نوى الإقامة أكثر من ثلاث أيام (بلياليها) في بلد ما، فإنه يصبح في حكم المقيم، وبالتالي لا يحق له القصر والجمع. واستدلوا بما ورد عن الصحابة الذين كانوا يقصرون في السفر لمدة محددة لا تتجاوز هذا الحد.
الرأي الثاني: يجوز حتى أربعة أيام
الحنابلة مثلاً يرون أن المدة المسموح بها هي أربعة أيام، فإذا تجاوزها المسافر أصبح في حكم المقيم، ويجب عليه إتمام الصلاة.
الرأي الثالث: يجوز حتى خمسة عشر يوماً
بعض الفقهاء كالأحناف ذهبوا إلى أن المسافر يمكنه القصر والجمع إذا لم ينوِ إقامة أكثر من 15 يوماً. فإذا نوى الإقامة أكثر من ذلك، وجب عليه إتمام الصلاة.
الرأي الرابع: يعتمد على نية المسافر
هناك من العلماء من قال إن الأمر مرتبط بالنية: إذا كان المسافر لا يعرف متى تنتهي إقامته (مثلاً ينتظر إنهاء معاملة أو علاج) فيبقى في حكم المسافر حتى لو طالت المدة.
الأدلة الشرعية
- 
ورد عن النبي ﷺ أنه قصر الصلاة في مكة ثمانية عشر يوماً في غزوة الفتح. 
- 
وفي روايات أخرى أنه قصر في تبوك عشرين يوماً. 
- 
وهذا ما فتح باب الاجتهاد عند العلماء في تحديد المدة، حيث لم يُحدّد الشرع مدة قطعية للقصر والجمع. 
خلاصة آراء المذاهب الأربعة
- 
الحنفية: يجوز القصر إذا لم ينوي الإقامة أكثر من 15 يوماً. 
- 
المالكية والشافعية: المدة المسموح بها 4 أيام. 
- 
الحنابلة: المدة المسموح بها 4 أيام أيضاً. 
- 
قول بعض السلف: الأمر يتوقف على نية المسافر وظروفه. 
تطبيق عملي للمسافرين
- 
إذا سافرت من الإمارات إلى تركيا وأقمت هناك أسبوعاً بنية العودة بعد ذلك، فبحسب جمهور العلماء لا يحق لك القصر بعد اليوم الرابع. 
- 
أما إذا كنت في سفر للعلاج ولا تعرف كم ستستغرق مدة العلاج، فيجوز لك القصر والجمع طوال فترة إقامتك. 
- 
من الأفضل دائماً الأخذ بالأيسر عند وجود مشقة، لأن القاعدة الفقهية تقول: المشقة تجلب التيسير. 
نصائح للمسافر بشأن الجمع والقصر
- 
استحضر النية عند كل صلاة، ولا تجعل الجمع عادة من غير حاجة. 
- 
القصر واجب على المسافر عند بعض العلماء (كالحنفية)، وسنة مؤكدة عند غيرهم. 
- 
الجمع رخصة، فلا يُفعل إلا عند الحاجة مثل المشقة أو ضيق الوقت. 
- 
من الأفضل سؤال أهل العلم في البلد الذي تتواجد فيه إذا كان لديك لبس في المسألة. 
الخلاصة
السؤال هل يجوز الجمع والقصر في السفر أكثر من ثلاث أيام لا يملك جواباً واحداً باتفاق العلماء، بل يختلف حسب المذهب والنية. فالجمهور يرون أن الحد الأقصى أربعة أيام، بينما يرى الأحناف أن المدة قد تصل إلى 15 يوماً. أما في حالة عدم تحديد مدة الإقامة، فيظل المسافر في حكم المسافر ولو طالت أيامه.
وبذلك يتضح أن الإسلام جعل الرخصة رحمة بالمسافر، وفتح باب الاجتهاد فيها بما يتناسب مع ظروف الناس وأحوالهم المختلفة.
 
				


